ديداكتيك اللغة العربية: " التعبير الكتابي الإنشاء "
Expression Ecrite
أولا: ماهية الإنشاء
إن أية نظرة لمادة الإنشاء لا بد أن تستحضر الأهداف
العامة والأهداف الخاصة للمادة، وتتصل الأهداف العامة بعلاقة الإنشاء بوحدة اللغة
العربية ككل، في حين ترتبط الأهداف الخاصة بالمهارة الإنشائية بكل مكوناتها.
وفي كل الأحوال لا بد من طرح السؤال الهام التالي: هل الإنشاء غاية أم وسيلة؟
إذا كان غاية، فلا بد لكل المواد أن تتعاون وتتكاثف وتتناسق من أجل تحقيق هذه الغاية، أما إذا كان وسيلة فلا بد من إبراز أهميتها بالنسبة للأهداف التي يراد تحقيقها، وبتعبير آخر إذا كانت الأهداف العامة تتلخص في إتقان اللغة نطقا وكتابة، فإن الأهداف الخاصة تصبح إتقان التفكير والتعبير، أي القدرة على التنظيم وعلى التفكير في ذات الآن، مع إبراز الشخصية المتكاملة في حدود الثقافة الممتلكة والرصيد اللغوي الخاص.
ومع ذلك لا بد من الاعتراف أنه ليس بالإمكان أن نؤسس على الأساسين السالفين " إتقان اللغة نطقا وكتابة وإتقان التفكير والتعبير " أية ملاحظات ما لم نأخذ بعين الاعتبار عنصرا ثالثا يتمثل في واقع مادة الإنشاء، هذا الواقع الذي تغيب فيه الطريقة المناسبة لتدريسيته من جهة وعدم فهم المادة من جهة ثانية، مما أدى إلى تحويلها إلى مادة " لغوية " بدل من أن تكون مادة تدعو إلى التفكير والتنظيم والتعمق في المعرفة، ومن ثمة طغى الاهتمام بالشكل على حساب المضمون...
ثانيا: المادة بين الغاية والوسيلة
لا بد من الاعتراف بأن الخلط الحاصل في هذا المجال يتصل
بسؤال هام جدا وهو: هل الإنشاء تعبير أم تفكير؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من التأكيد على أن الإنشاء
يعكس الشرط الذاتي للشخص، وهو الشرط الذي يعطينا أحقية إطلاق اسم ( إنشاء ) على
هذه الممارسة، شريطة أن يتلاقى بعدان أساسيان خلالها ( بعد القدرة على التعبير + بعد
القدرة الذاتية على التفكير ).
وعلى هذا الأساس فإن الإنشاء يفترض القدرة على التعبير،
أي إدراك واضح لقواعد اللغة وأحكامها وأصولها، كما يفترض القدرة الذاتية على
التفكير بوصفه حصيلة مجموعة من العوامل المترابطة والمتصلة ببعضها البعض، من خيال
وذاكرة وتفكير وتنظيم ووجدان وغيرها، بالإضافة إلى القدرة على فهم ما يراد تبليغه
وتوصيله وهو الأمر الذي يتطلب بدوره ثقافة عامة جيدة.
إن عدم إدراك هذه الأبعاد من قبل الأستاذ(ة) والمتعلم(ة)
معا يحول مادة الإنشاء إلى لغة فقط ، وتصبح بالتالي الغاية منها خدمة التعبير كشكل،
بدل أن تخدم التعبير والتفكير معا.
إن الضعف الملاحظ في مادة الإنشاء، جاء من كوننا لا نتملك
استراتيجية عامة تحدد الأهداف الحقيقية التي ينبغي ترسيخها في ذهنية الطفل لنصل في
نهاية المطاف إلى الجانب التطبيقي والعملي للمادة، فالإنشاء يعكس الواقع، والتعبير
يجب أن يطابق الواقع، ولخدمة هذا وذاك يجب ألا يخالف الإنشاء منهجيا هدفه وهو (
تعليم الإنشاء ).
وتبقى أهمية هذه المادة كامنة في كونها مترادفة في مجموع عناصرها لأنها تعكس الأهداف، وتعكس النتائج، وتعكس العلاقات... وبالتالي ينبغي أن تبنى مادة الإنشاء خلال عملية التدريس على كل هذه الأسس.
خطاطة توضيحية
غاية التعبير :
الجانب الذاتي ( وحدة التفكير ) الجانب الموضوعي ( وحدة التعبير )
ثالثا: تقنيات التعبير والإنشاء
إن قدرة
المتعلم على الإفصاح عما تجيش به نفسه، تتجلى بكل وضوح في التعبير الكتابي أو
الإنشاء، ففيه يجمع بين توظيف التراكيب واستعمال المعجم وتطبيق الرسم الصحيح،
وتحقيقا لذلك أعدت خطة مرنة (حسب الإطار المنهجي الرسمي) تتجلى معالمها في أمرين
اثنين :
أولهما التدريب المستمر على تقنيات الإنشاء من خلال التعامل مع الجمل
والفقرات سواء في الدرس اللغوي أو في تمارين البحث المرتبطة بالقراءة أو في حصة
التتبع.
ثانيهما اقتراح مجموعة من المواضيع تعتبر نموذجا لأنواع
التعبير أو الإنشاء مثل التراسل، الاستطلاع، الاستجواب، الحوار، الملاحظة، الوصف،
التوسع والتعليق... إلخ.
ومن المستحسن أن تستغل بعض الحصص المخصصة للإنشاء
لمعالجة المواضيع ذات الصبغة العملية مثل:
* تحرير طلب (
رخصة, شغل ... ).
* إعلان عن
ضياع شيء.
* كتابة بطاقة
تهنئة أو تعزية.
* كتابة رسالة.
* ملء مطبوع
رسمي ( حوالة مثلا ... ).
وللتدريب على تقنيات التعبير الكتابي لا بد من التركيز على
مجموعة من المحطات المنهجية المرحلية تتجلى في الآتي :
تقنية ترتيب فقرة
التعليق
تكملة نص قصير
تحويل حوار إلى نص ( الانتقال من الحوار إلى النص )
ومن المتوافق عليه منهجيا أن حصة التعبير الكتابي توظف خلال المستويات الدنيا من التعلم الابتدائي للإعداد للإنشاء ( ترتيب جمل لتكوين فقرة، ترتيب فقرات لتكوين نص، بناء فقرات، تكملة فقرة، تعبير حر ... ) الذي ستنطلق دروسه لاحقا باعتماد منهجية صريحة خلال السنوات العليا من نفس السلك, على أن يتم تنويع تقنيات الكتابة التي يتم تدريب المتعلمين عليها من حصة إلى أخرى (سرد، وصف، حوار ... )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق